تأخر الكلام عند الأطفال، لاحظ طفلك دون توتر
إن الكلام في حياتنا هو مفردات لغة الحوار، ودوره مهم ومؤثر؛ فبه نتواصل ونتعلم ونلتقي ونرتقي، لذا نجد مشكلة مهمة تطرق أبوابنا ألا وهي تأخر الكلام عند الأطفال، وهذا محور كلامنا في مقالي، كونوا معنا.
قال الله تعالى في كتابه الحكيم:
(الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)
نعمة اللسان والنطق عظيمة، تفيض قلوبنا شكًرا بنعم الخالق العظيم، فمن الصعب أن نستخدم نعمه فيما يغضبه، فعلينا استخدامها في أبهى صورها.
علينا أن يكون كلامنا شكرًا بقول الصدق وتجنب الغيبة والنميمة، قول الحق والابتعاد عن الألفاظ البذيئة.
عزيزي القارئ…
أبًا كنت أم أمًا، أنت إشارة البدء، أنت من ترسم قاموس أبنائك اللفظي واللغوي، فاجعل حروفه صدق وخير.
لكن استجابة الأطفال وتعلمهم اللغة والنطق متفاوتة وتتغير من طفل إلى آخر، رغم أن الكثير منا يعلم ذلك، فإنه مصدر قلق وترقب لكثير من الآباء.
تمكن كثير من الأطفال من دندنة كلمة أو كلمتين قبل احتفال عامه الأول، نغمات تملأ آذان الأباء بهجة “ماما” أو “دادا” وربما غيرهما، وهناك من امتلك حوالي عشرين كلمة قبل منتصف عامه الثاني، لكننا نجد شكوى الآباء من تأخر الكلام عند الأطفال حتى السنتين من أعمارهم.
هيا معي في مقالي هذا لنعرف أكثر عن هذه المشكلة، متى أشعر بالخطر؟
ماذا علي أن أفعل؟
إن معرفة الآباء بالأمور الطبيعية في الكلام والتطور اللغوي عند الأطفال يساعدهم في تقييم الأمور، و يطمئنهم إن كان الطفل ينمو ويتطور طبيعيًا وكل خطوة في موعدها الزمني والتطوري أم هناك مشكلة يلزم الالتفات إليها وحلها.
“اقرأ أيضًا: تنمية مهارات الطفل“
أعزائي، هيا بنا نعرف ما الفرق بين الكلام واللغة؟
وما هو تأخر الكلام أو اللغة؟
وكيف نعرف تأخر الكلام عند الأطفال؟
الفرق بين الكلام واللغة
الكلام
هو التعبير اللفظي للغة ويتضمن النطق (طريقة تكوين الصوت والكلمات).
اللغة
هي نظام متكامل من إرسال معلومات والحصول عليها بطريقة مفهومة، من خلال التواصل اللفظي واللا لفظي أو المكتوب.
الفرق بين تأخر الكلام أو اللغة
رغم وجود اختلاف بين مشكلات تأخر الكلام أو تأخر اللغة، فإن هناك تداخل بينهما.
تأخر الكلام
الكلام هو فعل جسدي لإصدار أصوات أو قول الكلمات ونطقها.
لذا في حالة تأخر الكلام قد يستخدم الطفل الكلمات أو العبارات للتعبير عما يريده، ولكن يصعب فهمه، وذلك لأنه يحاول لكنه يجد صعوبة فيه ويواجه مشكلة في تكوين الأصوات الصحيحة للكلمات.
لا يتضمن تأخر الكلام الفهم أو التواصل اللا لفظي.
“اقرأ أيضًا عن: علاج التهتهة عند الأطفال“
تأخر لغوي
إن التأخر اللغوي يتضمن في مفهومه الفهم والتواصل اللفظي واللا لفظي، لذا قد يستطيع الطفل الذي يعاني هذا التأخر نطق الكلمات جيدًا والأصوات صحيحة، لكن لا يمكنه وضع أكثر من كلمتين معًا، فلا يستطيع تكوين جمل أو عبارات منطقية، بالإضافة إلى احتمالية صعوبة فهمه من الآخرين.
يستطيع أطباء الأطفال من خلال الفحص الروتيني لصحة الطفل والمتابعة الدورية بعد ولادته معرفة مراحل نموه ومدى توافقه مع الفئة العمرية.
تتصف كل مرحلة عمرية في نمو الطفل بمهارات وقدرات جديدة عما يسبقها.
ولنكمل الحديث في مقالي هذا عن تأخر الكلام عند الأطفال، لكن دون التطرق إلى التأخر الجسدي أو التأخر في النمو، مثل: حالات الشلل الدماغي ومتلازمة داون والتوحد، ودون التحدث عن اضطراب التأخر اللغوي Language delay.
ما تأخر الكلام عند الأطفال
تأخر الكلام عند الأطفال
رزقنا الله مهارات الكلام واللغة منذ هديل طفولتنا وأصوات المناغاة، والتي تبدو بلا معنى، ثم تتطور بمرور الأيام والشهور لننطق أول كلمة مفهومة.
إن تأخر الكلام عند الأطفال يمكن تحديده عندما يتأخر الطفل عن مراحل الكلام النموذجية المرتبطة بمراحل النمو والعمر، ولا يعني تأخر الطفل في المحادثة وجود مشكلة خطيرة.
حقًا إن لكل طفل جدولًا زمنيًا خاصًا به في التطور والنمو، وجداول مراحل النمو تساعد في تقييم الطفل كإرشادات عامة، فإذا حدث تأخر في تطور الطفل من خلالها قد يحدث تأخر في الكلام.
الطفل في عمر الـ 3 سنوات
إن الطفل في هذه المرحلة قد يتحدث بطريقة جيدة؛ لذا يمكن فهمه بسهولة غالبًا؛ وذلك لأنه وفقًا لمراحل النمو بإمكانه الآتي:
- استخدام أكثر من 1000 كلمة.
- أن يستخدم الأسماء والصفات والأفعال في تكوين جمل من ثلاث أو أربع كلمات.
- محاولة استخدام صيغة الجمع.
- استخدام صيغة السؤال.
- يعرف اسمه وأسماء الآخرين ويناديهم.
- حكاية قصة أو تكرار أغاني الحضانة، أو يغني أغنية.
علامات تأخر الكلام عند الأطفال
كما ذكرنا سابقًا، أن معالم التطور العامة للإطفال هي مجرد جانب إرشادي، لكن يمكننا ذكر معالم التطور الخاص بالكلام ليساعدنا في ملاحظة علامات تأخر الكلام عند الأطفال.
- عدم المناغاة أو الهديل في عمر شهرين.
- يستطيع معظم الأطفال استخدام كلمات بسيطة، مثل: “ماما” أو “دادا” وذلك في عمر 18 شهرًا
- في عمر السنتين: لا يستخدم 25 كلمة على الأقل.
- يستطيع الطفل في في عمر السنتين ونصف، تكوين جمل بسيطة من كلمتين، وقد تتكون من اسم وفعل، فعدم حدوث ذلك قد يشير إلى تأخر الكلام.
- في عمر 3 سنوات: لا تفهمه حتى وأنت تعيش معه، ولا يستخدم 200 كلمة على الأقل، كما أنه لا يطلب الأشياء بالاسم.
- في أي عمر: لا يستطيع نطق الكلمات التي تعلمها سابقًا.
أسباب تأخر الكلام عند الأطفال
قد لا يكون تأخر الكلام عند الأطفال أمر خطير، ومع الوقت يبدأ في ثرثرته التي لا تنتهي، ولكن هناك أسباب من المهم معرفتها، وهي:
- وجود مشكلات في الفم مثل سقف الحلق أو في اللسان وبعرف ذلك بـ (اللسان المربوط).
حيث يكون اللسان متصل بأرضية الفم، ويصعب تكوين أصوات معينة.
يؤدي ربط اللسان أيضًا إلى صعوبة إرضاع الطفل طبيعيًا.
- اضطرابات الكلام أو اللغة بسبب مشكلة في وظائف المخ (المناطق المسؤولة عن الكلام).
فتحدث صعوبة في تنسيق الحركة بين الفك واللسان والشفاه لإصدار أصوات الكلام.
- مشكلات السمع: فهي تُعد من الأسباب الشائعة، لأن فقدان السمع أو السمع غير الجيد أو المشوه، كان سببًا في صعوبة فهم اللغة وتقليدها وليس تأخر الكلام فقط. ويمكن ملاحظة ذلك عند عدم تعرف الطفل على الأشخاص أو الأشياء عند تسميتها.
- التهابات الأذن وخصوصًا المزمنة منها قد تؤثر في السمع.
إن السمع الطبيعي بأذن واحدة على الأقل يساعد على تطور الكلام واللغة بطريقة طبيعية.
ويكون حينها تأخر الكلام من أهم أسباب اكتشاف تلك المشكلة لعدم وجود علامات أخرى مميزة.
إهمال الطفل وسوء معاملته وقلة التحفيز اللفظي: أسباب تؤثر في تطور الطفل ومراحل نموه الأساسية وليس الكلام فقط.
“اقرأ أيضًا: فرط الحركة عند الأطفال“
ماذا يفعل الآباء إذا اعتقدوا وجود تأخر في الكلام عند الأطفال؟
كما ذكرنا قد يكون الأمر غير مقلق، ولكن قد يشير التأخر إلى مشكلات أخرى فيساعد التدخل المبكر على الوصول إلى أفضل علاج ممكن.
عليك الاستمرار في التحدث والقراءة والغناء لتشجيع طفلك على الكلام لحين استشارة طبيب الأطفال.
تأخر الكلام عند الأكفال، إن الأب والأم هما منطقة أمان الطفل، فعليهما مساعدته في تخطي أزماته دون إرباك أو إجبار، وملاحظة أي تأخر في تطوره، واستشارة الطبيب المختص ليرشدهما إلى العلاج المناسب دون تأخر.
أبناؤنا نعمة فلنحافظ عليها، أدام الله عليهم حفظه والصحة، وهم أمانة في أعناقنا، نساعدهم على تعلم طيب الكلام ومكارم الخلق، وما ينفعهم.