التركيز، من أكثر العقبات التي تواجهنا في حياتنا اليومية هي ضعف التركيز، فكم مرة قضى ابنك عدة ساعات في المذاكرة، وفي النهاية يحصل على تقييم سيء من المدرسة.
ربما أيضًا تمضين عدة ساعات لمساعدته في واجباته المدرسية، ومع ذلك تعانين تشتت انتباهه.
وبلا شك أن تشتت الذهن لديه يُقلقك، فكيف تساعديه؟ وهل التركيز صفة موروثة أم مهارة يمكن اكتسابها؟
لذلك عزيزتي تابعي معنا القراءة لتعرفي..
ما هو التركيز
يشير التركيز إلى المجهود الذهني الموجه للتعلم أو العمل، ويختلف التركيز عن مدى الانتباه؛ فالانتباه هو مدة الوقت الذي يمكنك فيه التركيز على شيء ما.
ويرى البعض أن عدم حضور الذهن والتشتت قد يؤدي إلى الإحباط، ويفتح بابًا للإجهاد والتوتر، مما يجعل حضور الذهن حلمًا بعيد المنال.
وبينما نجد بعض الناس يملكون قدرة أقل من غيرهم على مقاومة المشتتات، إلا أنَّ هناك عدة عوامل قد تزيد هذه المشكلة، فما هي؟ وهل يمكن تفاديها؟
أسباب عدم التركيز
يقول د.دافنر -رئيس قسم علم الأعصاب بجامعة هارفارد-: “إنَّ تشتت الذهن قد ينتج من الضغوطات الفسيولوجية، كالالتهاب، وإصابة الأوعية الدموية، وتراكم بروتينات غير طبيعية في خلايا المخ، أو انكماش الدماغ الذي يحدث طبيعيًا مع تقدم العمر”.
وإليك بعض العوامل التي لها دور في تشتيت الذهن:
- بعض الأمراض: كالإحباط، واضطرابات النوم، ومشاكل السمع.
- بعض الأدوية: بعض أدوية سلس البول والاكتئاب والحساسية تؤثر على صفاء وحضور الذهن.
- كثرة المعلومات: يقول د.دافنر “عند زيادة المعلومات الموجهة إلى الدماغ، يصبح من السهل تشتيت الانتباه”.
والآن وبعد نبذة عن الأسباب، هيا بنا لنعرف كيف نعالج المشكلة.
علاج قلة التركيز
١-مرِّن عقلك
أظهرت دراسة شملت ٤٧١٥ بالغًا أنَّ قضاء ربع ساعة يوميًّا لتمارين العقل، له انعكاس إيجابي على التركيز والذاكرة.
فبعض الألعاب لا تقتصر على المتعة وحسب، بل تعد تمارينًا لتقوية الصحة العقلية والذكاء، مثل: الشطرنج، وسودوكو، وتركيب قطع الصور (بازل)، وألعاب الذاكرة.
تعكس تمارين العقل أثرًا إيجابيًا على الأطفال أيضًا.
٢– النوم الكافي
تؤثر اضطرابات النوم ليس فقط على الصحة العقلية، بل وعلى تقلب المزاج أيضًا.
وقد يتسبب الإجهاد في ضعف ردود أفعالك؛ مما يؤثر على قدرتك على أداء مهامك اليومية. لذلك ينصح الخبراء بالنوم لمدة ٨ ساعات يوميًا للحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية.
بالإضافة إلى البقاء بعيدًا عن التلفاز، والنوم في غرفة مريحة وهادئة والعادات الصحية، هي مفتاحك لنومٍ هادىء ومريح.
۳-ممارسة الرياضة
أحد منافع الرياضة الكثيرة أنها تزيد القدرة على حضور الذهن وصفائه، فكما تعلمنا دائمًا “العقل السليم في الجسم السليم”.
كما أظهرت دراسة شملت ١١٦ طالبًا من طلاب الصف الخامس، أنَّ الرياضة اليومية تحسن من قدرة التركيز خلال ٢٨ يومًا فقط.
لذلك يمكنك البدء بالمشي لمسافات صغيرة، كأن تخصص نصف ساعة يوميًا للمشي ثم تزيدها تدريجيًا.
٤– تأمُّل الطبيعة
يمكنك تحسين تركيزك بقضاء وقت في الحديقة والتأمل في النباتات والمشاهد الطبيعية.
تدعم البحوث العلمية التأثير الإيجابي للنباتات في مكاتب العمل، إذ تزيد الإنتاجية والرضا عن بيئة العمل، وجودة الهواء.
٥-التغذية المتنوعة
الحفاظ على اتباع الغذاء الصحي الذي يساعد في الحفاظ على تركيزك وذاكرتك.
أطعمة تساعد على التركيز
١– الأسماك الدهنية
تتصدر الأسماك الدهنية قائمة الأطعمة التي تحافظ على صحة العقل.
حيث تحتوي الأسماك الدهنية كالسلمون والسردين على مجموعة الأحماض الدهنية أوميجا ۳، والتي تمثل نصف الأحماض الدهنية المكوِنة لخلايا المخ.
يستخدم الدماغ الأوميجا ۳ لبناء الخلايا العصبية، ويستخدمها أيضًا للحماية من التدهور العقلي، ومرض الزهايمر.
٢– البرتقال
ويمكنك الحصول على فيتامين ج أيضًا من الفلفل الأحمر، والجوافة، والكيوي.
يتميز البرتقال باحتوائه على فيتامين سي المفيد للصحة في عدة جوانب، ومنها الصحة العقلية. ولأن فيتامين ج مضاد أكسدة قوي، فهو يحمي خلايا الدماغ من التلف، ويحافظ على الصحة العقلية من التدهور مع التقدم في العمر.
٣-البيض
يعد البيض مصدرًا غنيًّا بالعناصر المفيدة لصحة العقل، منها فيتامين ب٦ وفيتامين ب١٢، والكولين.
كما أظهرت دراستان ارتباط الكولين بتحسين الذاكرة، والتركيز، ومع ذلك، فالعديد من الناس لا يحصلون على الكمية الكافية منه.
“اقرأ أيضًا : ضعف الذاكرة“
لذلك يُعد البيض مصدرًا سهلًا للحصول على الكولين، ويمثل صفار البيض مصدرًا مركزًا من هذا العنصر؛ إذ يحتوي صفار البيضة الواحدة ١١٢مجم، وهو ما يوازي نصف المقدار اليومي اللازم من الكولين.
٤-السبانخ
يُنصح بتناول السبانخ ليس فقط لأنها غنية بفيتامين ج، بل لأنها أيضًا غنية بمضادات الأكسدة. وكما ذكرنا سابقًا فكلاهما يحميان خلايا الدماغ من التلف، ويعززان الصحة العقلية ويحميان من التدهور العقلي.
فإن لم تستطيعي المحافظة على الأطعمة المفيدة والمعززة لصحة عقلك وتركيزك، يمكنك اللجوء للمكملات الغذائية، فهناك أدوية لزيادة تركيزك، ومنها:
- المكملات التي تحتوي على الكولين.
- مكملات فيتامين ك.
- الأوميجا ٣.
- الفلافونويد.
- حمض الفوليك.
مشروبات تساعد على التركيز
١– القهوة
إن كنت من محبي القهوة، فستغمرك السعادة عندما تعلمين أنها مفيدة لصحتك.
تحتوي القهوة على مكونين رئيسين هما: الكافيين، ومضادات الأكسدة، وكلاهما مفيدان لصحة عقلك.
يؤثر الكافيين على عقلك بطرق عديدة، منها:
- يبقيك يقظة عن طريق منع الأدينوزين -مركب كيميائي- يسبب النعاس.
- يحسن مزاجكِ عن طريق السيروتونين المسبب للسعادة.
- يشحذ التركيز؛ فقد أظهرت دراسة أن الحصول على كمية من القهوة يجعلك أكثر فعالية في المهام المتطلبة للتركيز.
٢-الشاي الأخضر
يحتوي الشاي الأخضر أيضًا على الكافيين، مثل القهوة.
وبالإضافة للكافيين، يحتوي الشاي الأخضر أيضًا على عدد من العناصر التي ترشحه ليكون مشروبًا مفيدًا للصحة العقلية.
كما أن أحد هذه العناصر هو الثيانين (L-theanine)، نوع من الأحماض الأمينية، والذي يزيد من نشاط النواقل العصبية المسؤولة عن تقليل القلق وزيادة الشعور بالراحة.
ويعمل الثيانين أيضًا على زيادة موجات ألفا في الدماغ، والتي تخفف الشعور بالتعب والإرهاق.
ويحتوي الشاي الأخضر على مضادات الأكسدة التي تحمي العقل من التدهور، وتحميه أيضًا من الأمراض العقلية، وتقوي الذاكرة.
٣– المياه
يتجاهل العديد منَّا شرب الماء، ولا يعي أهميته؛ فنقص المياه يسبب الشعور بالإرهاق والتعب وربما المرض.
لذلك عند نقص المياه من الدماغ، تقل قدرته على أداء الوظائف، ولهذا فإن المحافظة على شرب المياه وسيلة سهلة للحفاظ على كامل النشاط العقلي خلال اليوم.
تمارين لزيادة التركيز
تتضمن التمارين العقلية تكريس الانتباه الكامل، لفترة زمنية محددة، وتساعد هذه التمارين الأطفال الذين يعانون تشتت الذهن.
تشمل التمارين الآتي:
- الرسم لمدة ربع ساعة.
- قضاء عدة دقائق في تبادل رفع كرة صغيرة مع شخص آخر.
- ضبط مؤقت لثلاث دقائق، ومحاولة عدم الرمش قدر المستطاع.
- لعق مصاصة كاملة، دون محاولة عضها.
بعد إكمال إحدى التمارين السابقة، اطلبي من طفلكِ أن يكتب أو يرسم لك كيف شعر خلال التجربة.
هل تشتت انتباهه؟ وكيف استطاع إعادة تركيزه؟
كما يمكن لهذه التمارين أن تفيد البالغين أيضًا، لذا لا تخجلي من المحاولة.
ماهي طرق زيادة التركيز؟
- حاول التخلص من المشتتات Distraction وتجنب تعدد المهام.
- تدريب العقل على بعض الألعاب لتعميق مفاهيم الذاكرة وزيادة نشاطك.
- مارس تمارين اليقظة الذهنية وتمارين التأمل للحد من التوتر والقلق.
- الحصول على قسطِِ كافِِ من النوم والراحة.
- خذ فترة استراحة ولو قصيرة لاستعادة الهدوء والتركيز.
- عدم الاستعجال في العمل والاهتمام بالتفاصيل.
- التواصل اليومي مع الطبيعة والأكسجين النقي، لتتنفس بعمق وهدوء.
- رتب مكتبك ليساعدك على أن تركز على المهام المهمة.
التركيز، الآن يمكنك تحسين أدائك العقلي وأداء أسرتك عن طريق الأطعمة المناسبة، واستغلى أوقات ترفيه العائلة، لممارسة نشاطات ممتعة ومفيدة.
وشاركينا تجربتك كيف استجاب طفلك للتمارين، وهل تحسنت قدرته على الانتباه؟
