مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال | الفرق بين الفوبيا والخوف الطبيعي
مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال، يطمح كثير من الآباء أن ينعم أطفالهم بالهناء والأمان، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وتظهر مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال.
نتيجة زيادة الإدراك والفضول لدى الطفل، قد يواجه حدثًا ما يُسبب له الخوف والذعر، وتنقلب حياته رأسًا على عقب؛ إن لم يتعامل الوالدان مع مخاوف طفلهما بحيطةٍ وحذر.
في هذا المقال سنستعرض سويًّا مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال، أسباب الخوف، وأنواعه، بالإضافة إلى ذلك سنتطرق إلى كيفية التغلب عليه.
مفهوم الخوف والفرق بين الرهاب والخوف
الخوف هو أحد المشاعر الإنسانية، وغريزة طبيعية تشترك فيها جميع الكائنات الحية.
والخوف عند الأطفال هو مظهر طبيعي يلزم الطفل منذ عامه الأول؛ إذ يخشى الوجوه الغريبة والضوضاء، ويكون رد فعل الطفل الصراخ والبكاء.
فيجب على الأبوين التفهم الصحيح لخوف طفلهما، وفي الوقت نفسه التفرقة بين الخوف الطبيعي والخوف المرضي.
كما ينبغي أن ندرك جيدًا أن ليس كل الخوف سيئًا؛ لأنه في أغلب الأوقات شعور ورد فعل طبيعي؛ فالطفل ما زال في مرحلة اكتشاف وبحث عن المجهول حوله.
يُعد هذا الأمر طبيعيًا ولا يستدعي القلق؛ وذلك لأن الطفل ما زال في كنف أمه، ولا يشعر بالأمان والطمأنينة إلا بجوارها.
أما الرهاب فهو الخوف المرضي المفرط غير العقلاني.
يكون ملازمًا للطفل؛ وتكمن خطورته في مرافقة اضطرابات القلق المستمر له.
كما يصاحبه أعراض جسدية، على سبيل المثال: القيء، وسرعة ضربات القلب، والتعرق الشديد.
“اقرأ أيضًا: تنمية مهارات الطفل“
مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال باختلاف المرحلة العمرية
تختلف مخاوف الطفل باختلاف عمره، وبما يتناسب مع إدراكه ووعيه للأمور، ومن المخاوف التي يمكن أن يواجهها الطفل في مراحل نموه المختلفة:
- الرضع من عمر 8 إلى 9 أشهر
يخشى الطفل في هذه المرحلة الوجوه الجديدة غير المألوفة، كما يعتريه الخوف من الضوضاء، ورؤية الأجسام الكبيرة.
- الأطفال من عمر 3 إلى 6 سنوات:
يطلق الطفل عنان خياله في هذه المرحلة العمرية، ويمكنه التخيل ورؤية أشياء تتشكل في مخيلته فقط تصيبه بالخوف، على سبيل المثال: النوم وحيدًا، أو تخيل الوحوش التي رآها في التلفاز.
- الأطفال من عمر 7 سنوات
يصاب الطفل بالخوف من أشياء واقعية بالفعل، ولكن بتفخيم ومبالغة منه، على سبيل المثال: الخوف من التحصيل الدراسي، والخوف من الأطباء، والخوف من المعلمين والزملاء غير الودودين.
“اقرأ أيضًا: العصبية الزائدة عند الاطفال“
أعراض مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال
تظهر بعض الأعراض الجسدية على الطفل عند إصابته بالخوف الشديد، ومنها:
- زيادة عدد ضربات القلب.
- برودة الأطراف أو القشعريرة.
- ضيق التنفس.
- ألم في الصدر والمعدة.
- اهتزاز الجسم.
- التعرق الشديد.
“اقرأ أيضًا: الثقة بالنفس عند الأطفال“
ما هي أسباب مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال؟
توجد بعض الأسباب التي تؤدي إلى تحول الخوف الطبيعي عند الأطفال إلى مشكلة كبيرة ملازمة له، وإليك بيان لأهم أسباب مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال:
- فقدان الثقة بالنفس
عندما يفقد الطفل ثقته بنفسه؛ يشعر بالضعف وقلة الحيلة في مواجهة الصعاب دون الاستعانة بالغير.
- المشكلات الأسرية
تؤثر الاضطرابات الأسرية Family disruption سلبًا على الطفل، كما تصيبه بالتوتر والقلق باستمرار.
- كثرة التعرض للانتقادات السلبية الهدامة
تؤدي الانتقادات اللاذعة إلى انعدام شخصية الطفل، وتجعله يشعر بالدونية وعدم الفائدة منه، ويصيبه الخوف والرهبة من العالم الخارجي.
- خوف الأهل المبالغ فيه
يؤدي خوف الأهل المفرط إلى ضعف شخصية أطفالهم، ويمكن لأي موقف أن يؤثر فيه ويصيبه بالهلع والذعر.
- العوامل الوراثية
قد يرث الأبناء الخوف من آبائهم، وقد يتعلمه منهم أيضًا وينتهج نهجهم، مثلًا إذا كان أحد الأبوين يعاني الخوف من شيء معين؛ نجد أن الطفل أصبح يخشى نفس الشيء.
- رؤية حدث مخيف
قد يتعرض الطفل إلى رؤية حادث سير، أو مشهد رعب في التلفاز، فيظل هذا المشهد عالقًا في ذهنه حتى الكبر.
أنواع مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال
- الرهاب البسيط
يرتبط هذا النوع بالخوف من شيء معين، مثل: الخوف من حيوان، أو المرتفعات، أو الأماكن المغلقة، أو رؤية شخص معين.
- الرهاب الاجتماعي
يجعل الطفل يشعر بالخجل وأنه غير مقبول، ويعاني الخوف من الأداء والاندماج الاجتماعي، كما يُعرف أيضًا باسم اضطراب القلق الاجتماعي.
- الهلع
يُعرف بأنه نوبات من الخوف الشديد في فترات غير متوقعة، وغالبًا يكون استجابة لبعض المثيرات.
- الخوف المرضي
يجعل الطفل يعاني الخوف والذعر، ويؤدي إلى انعزاله عن العالم الخارجي، ورفضه الشديد له.
“اقرأ أيضًا: الغيرة عند الأطفال“
فسيولوجية الخوف
يحتوي الدماغ على مواد كيميائية تُسمى النواقل العصبية، والتي ترسل الإشارات للتحكم في كمية النواقل العصبية (الدوبامين والسيروتونين)، وعند انطلاقهم بكميات كبيرة تظهر أعراض الخوف الشديد.
كيفية التغلب على مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال
يجب على الآباء والأمهات أن يكونوا داعمين لأطفالهم، وأن يعملوا جاهدين على احتوائهم، وتعليمهم كيفية مواجهة خوفهم، وكسر حاجز القلق لديهم.
وفيما يلي بيان لأهم خطوات علاج مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال:
تفهم أسباب خوفهم
يُعد من أهم خطوات التغلب على الخوف؛ فالتحدث مع الطفل واستيعاب شكواه؛ يجعله يشعر بالراحة والأمان، وأن لديه ملاذًا وملجأ يحتمي فيه، وبالتالي تُبث مشاعر الطمأنينة بداخله تدريجيًا.
عدم السخرية من مخاوفهم
أسوأ ما يفعله الآباء بحق أبنائهم هو السخرية والاستخفاف بمشاعرهم ومخاوفهم؛ ويؤدي هذا إلى اهتزاز ثقة الطفل بنفسه، ويشعر أنه أضحوكة، وأن مشاعره محط للسخرية من الجميع.
يجب أن ندرك أن الاحترام والاهتمام هما أساس التربية السليمة، وطريق نَيّر لعلاج مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال.
المحافظة على هدوء الأعصاب أمام الأطفال
يجب أن يعلم الآباء أن أبناءهم يحذون حذوهم دائمًا، وأنهم القدوة والمثل الأعلى لديهم، فلا بد من تعلم مهارات الهدوء وضبط النفس، وعدم إعطاء المواقف المختلفة أكبر من حجمها.
تعليم الطفل أن يستقوي بنفسه
يجب تعليم الطفل كيفية التعامل مع مواقف الخوف التي قد يتعرض لها.
ينبغي له أن يستقوي بنفسه ويشجعها بعبارات تحفيزية، على سبيل المثال: “أنا أستطيع مواجهة هذا”، أو “ستكون الأمور على ما يرام”.
تقييم درجة الخوف
يستطيع الطفل مواجهة خوفه من خلال تعلمه مهارة تقييم الخوف، فيُجرى تدريج الخوف من 1 إلى 10؛ إذ يعبر رقم 1 عن المواقف الأقل رعبًا،
ويعبر رقم 10 عن المواقف الأكثر رعبًا؛ وبالتالي سيقل شعور الطفل بالخوف تدريجيًا وتعزز ثقته بنفسه.
تجنب الحماية الزائدة
لا بد أن يعي الوالدان أن التجنيب الكامل للطفل من مواجهة المخاوف لحمايته لا يساعد على حل مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال. وأيضًا عدم تحميل الطفل ما لا يطيق، ولكن على الوالدين التعامل بحيطةٍ وحكمة، وجعل الطفل يواجه خوفه تدريجيًا، مع تقديم الدعم الكامل وتعزيز ثقته بنفسه.
تقنيات الاسترخاء
نستطيع تعليم الطفل تقنيات التنفس العميق عند الشعور بالخوف، وكيفية استبدال الأفكار والتخيلات المخيفة بأخرى مريحة. مع الوقت سيكون الطفل قادرًا على استخدام هذه الحيلة بمفرده،
كما يُعد هذا أفضل طريقة لعلاج مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال عند النوم.
متى يلجأ الأبوان إلى مساعدة الطبيب؟
عندما يشعر الأبوان أن طفلهما ليس على ما يرام، وأن الخوف أصبح ملازمًا له، ويؤثر سلبًا على حياته، ويعيق اندماجه مع أقرانه وأقاربه، في هذه الحالة يجب أن يفحصه اختصاصي نفسي؛ لاحتمال إصابته باضطراب القلق.
يجدر بالذكر التنويه على بعض العلامات التي تستدعي الرجوع إلى الطبيب في أقرب وقت ممكن:
- أن يتسبب الخوف بأعراض جسدية، مثل: ضيق التنفس، الصداع، وألم المعدة.
- تراجع تحصيل الطفل الدراسي، وفقدانه لمهارات التواصل الاجتماعية.
- إصابته بنوبات غضب وانزعاج من حين لآخر.
وختامًا…
مشكلة الخوف الزائد عند الأطفال، يجب أن نعي أن الخوف فطرة طبيعية جُبلنا عليها ولا مفر منها؛ لذا لا بد أن يتفهم ويتقبل الأبوان مخاوف طفلهما ما دامت طبيعيةً ومقبولة. ولكن إذا أصبح الخوف ملازمًا للطفل، ويُسبب له عثرات وكبوات؛ فلا بد من مراجعة الاختصاصي النفسي، وتقديم الدعم النفسي لمساعدته على تحطيم قيود الخوف لديه.