تربية الأطفال Childrearing، إذا كنتِ تمتلكين حديقة جميلة مزهرة بمختلف الورود المبهجة، ولا تعلمين كيف تراعيها. هل ستظل الحديقة جميلة؟ هل ستُزهر مرة أخرى؟ بالطبع لا، فهي تحتاج من يتعلم كيف يرعاها ويهتم بها؛ كي يبقى أريجها العطر.
كذلك الأطفال، في حاجة إلى اهتمامك والتعرف على شخصياتهم وتقويمها، لذا سنتعلم معًا فن تربية الأطفال.
استعداد الوالدين لتربية الأطفال
يسعى الوالدان إلى تربية أطفال Childrearing سعداء ناجحين يفخرون بهم ويكونون لهم عونًا، ولكن أولًا يجب على الوالدين تهذيب أنفسهم وتقويم سلوكهم.
وقد وجد علماء النفس أن “الآباء السعداء هم الأكثر حظًا لإنجاب أطفال سعداء”.
ولذلك يجب الآتي:-
- الإستعداد النفسي
قرار الإنجاب ليس بالأمر الهين، وإنما هو نبتة صغيرة إما صالحة أو طالحة، وكل هذا يعتمد على الزوجين أنفسهم. فيجب التمهل والتفكر في الأمر جيدًا، هل أنتِ مستعدة لإنجاب طفل؟ وتكوني مسئولة عن تربيته تربية إيجابية صحيحة، وتتحملي صعوبة الأمر؟
وفي المقابل، تعيشين كل اللحظات الجميلة والسعيدة مع طفلك، ثم يصبح فردًا مسئولًا يُعتمد عليه ويُفيد المجتمع، فالقرار بيدكِ أولًا وأخيرًا.
- تكوين أسرة هادئة مستقرة
عندما يوجد التفاهم والحوار بين الزوجين، يُولد الاستقرار والسلام النفسي؛ فالحفاظ على الأسرة والبيت سيحافظ على الأطفال.
- وقفة مع النفس
اجلسي في هدوء وتَفكّري في سلوككِ وعاداتك، وتخيلي طفلك وهو يكتسب كل هذه العادات؛ فالأطفال مرآة للآباء. هل ستكونين سعيدة أم غير راضية عن طفلك هكذا؟
وعليه ستُغيرين عاداتك السيئة، وتسعين لتقويم بعض السلوكات، لتحصلي على أفضل نسخة منك وتفخري بكونك أمًّا صالحة.
كلمة السر في فن تربية الأطفال
كلمة السر في تربية الأطفال هي “التوازن”. يحتاج الطفل إلى الصرامة والقوة لبناء الشخصية، ويحتاج إلى الدفء والحنان لتهذيبها، بهدف تحقيق نمو متوازن.
فالآباء الذين يتبعون منهجًا متوازنًا في التربية، ينشئون أطفالًا لديهم القدر الكافي من الانضباط الذاتي، وكذلك يقدّرون قيمة الحرية.
إن تربية الأطفال من المهام الحياتية الأساسية في حياة أي أب وأم، يتعلم الأطفال منهما سلوكهم وقيمهم وعاداتهم، فتخرج تربية الطفل كمنتج نهائي لسلوك الوالدين.
ولا تقتصر تربية الأطفال على سن معين، بل تبدأ منذ نعومة أظافرهم، ولا تقتصر أيضًا على تقويم السلوك وحسب، بل تُعد تربية الأطفال رعاية واهتمام وتفاعل.
ولهذا، يجب الاستمرار في فعل الأشياء الآتي ذكرها عند تربية الأطفال:
التعبير المستمر بشعور الحب للطفل
يجب الإكثار من قول “أحبك” للطفل، وبالطبع مع الإثبات بالأفعال والسلوك عن معنى هذه الكلمة؛ لأن ذلك يمنح الطفل إحساسًا بالأمان والثقة بالنفس، ويجعله قريبًا -بقلبه- من والديه.
“اقرأي أيضًا: الثقة بالنفس عند الأطفال“
غرس الثقة في الطفل وأنه قادر على تحدي الصعاب
من المهم جدًا في تربية الأطفال غرس الثقة في نفسه، والتي يستمدها من ثقة والديه فيه.
ويكون ذلك بإخباره أنه قادر على إنجاز الأشياء بنجاح، فعندما يتعرض إلى موقف يحتاج إلى الالتزام والشجاعة، يجد من يخبره: “أنا واثق أنك تقدر”.
قول كلمة “لا” مع استعراض الأسباب
كشفت الأبحاث النفسية أن كلمة “لا” تمنح الطفل شعورًا باحترام المبادئ والقوانين الحياتية، ولكن يجب أن تقترن بذكر الأسباب وعدم الاكتفاء بقول “لا” فقط؛ فهذا سيجعل الطفل ضعيفًا وربما يجعله أكثر عنادًا، ولكن مع المناقشة وذكر الأسباب بوضوح، وبذلك يتقبل مبدأ القبول والرفض.
الحفاظ على تناول الوجبات كعائلة
من الأفضل اجتماع الأسرة على الطعام، فقد وجد علماء النفس أن الأطفال الذين يتناولون الطعام مع أسرتهم، يصبحون أكثر نجاحًا في دراستهم، وفي معظم جوانب حياتهم.
بالطبع إن إحساس الدفء والمشاعر الطيبة التي تجتمع على مائدة طعام واحدة لا تقدر بثمن، ويجعل الطفل أكثر قربًا، ويتولد لديه قدر كبير من الالتزام واحترام المبادئ العامة.
منح الطفل الانتباه الكامل
يُعدّ التواصل الجيد مع الأطفال أمرًا حيويًا، فعندما يتحدث الطفل إلى أحد الأبوين، لابد أن يضع ما في يده جانبًا، والاستماع حقًا إلى ما يقوله الطفل؛ فهذا يشجعه على التواصل الاجتماعي السليم، ويتعلم التعبير عن مشاعره بشكل واضح.
وإذا كان ولي الأمر منشغلًا، فالأفضل أن يخبره أنه يعمل الآن على سبيل المثال، وبعد الانتهاء سيتفرغ له، فهذا يجعل الطفل يطمئن ويقدّر أن والده -أو والدته- يريد الاستماع بآذان صاغية لما يقوله والتحاور فيه، كما أنه يعلمه الصبر من جانب آخر.
“اقرأي أيضًا: الغيرة عند الاطفال“
تشجيع الطفل على بناء العلاقات
من الضروري وجود علاقات قوية في حياة الطفل لصحته النفسية، والحديث معه عن أصدقائه وعلاقته معهم، وأيضًا تعليمه حل المشكلات الصغيرة بينه وبينهم، وكيف يحافظ على العلاقات السوية. فكل هذا يشعره بالأمان واحترام الذات، كما يزيد من الترابط بين الطفل والوالدين.
تربية الأطفال تربية صحيحة لا تكون بالأوامر والقوانين، بل يجب أن تكون متجسدة في تصرفات الآباء والبيئة المحيطة بالطفل، لذا سنعرض أفضل أساليب تربية الأطفال.
أفضل أساليب تربية الأطفال
تقوية العلاقة بين الوالدين والطفل
تساعد العلاقة القوية بين الطفل ووالديه في تربية الأطفال تربية إيجابية صحيحة، مع الأخذ في الاعتبار أن كل طفل فريد من نوعه، له شخصية منفردة عن غيره من الأطفال. كما يجب الحرص الدائم على اكتشاف الجوانب الإيجابية للطفل، وتنميتها حتى تطغى على الجوانب السلبية.
احترام الطفل أمام الآخرين
من الخطأ أن يذكر الآباء مساوئ الطفل، أو نقد تصرفاته بشكل واضح أمام الآخرين، فهذا يحرج الطفل ويفقده تكوينه النفسي، فيصبح ضعيف الشخصية يميل للانطواء.
وعلى العكس تمامًا، مدحه والثناء على أخلاقه الحميدة وأفعاله المهذبة، تكسبه ثقة بالنفس وتوازن نفسي يجعله يسعى للأفضل.
التربية على الإبداع
إن أهم شروط الإبداع تحقيق الاستقلال الفكري للطفل، فالطفل لديه دائمًا رغبة في التعليم الذاتي، ويظهر ذلك من خلال طرح الأسئلة الكثيرة.
ومن أفضل أساليب تربية الأطفال تربية صحيحة، الإجابة عن أسئلة الطفل؛ لتوسيع مداركه وبناء نظرياته، فيمتلك القدرة على البحث والتحليل.
تربية الأطفال على الطريقة المونتسورية
انتشر في الآونة الأخيرة ذكر التعليم المنتسوري على الآذان، فما أصل تلك الطريقة؟ وما أهم مبادئها؟
“ماريا مونتسوري Maria Montessori” مربية إيطالية، وكانت أول إيطالية تتعلم الطب. وأتاحت لها دراستها الطبية والنفسية أن تملك الأساس العلمي والعملي لمبادئ التربية، وتعليم الطفل الاستقلال والاعتماد على الذات في بعض الاشياء منها:
– يتدرب الطفل ويتعلم أن يلبس ثيابه أو ينزعها.
– يغسل يديه ووجهه.
– يرتب أغراضه.
فلا يُسأل الطفل عن نظافته فقط، بل يُسأل عن نظافة البيت وترتيبه.
“اقرأي أيضًا: تنمية مهارات الطفل“
استخدام العواقب بدلًا من العقاب
العواقب هي نتيجة التصرفات، ومعرفة الطفل بالعواقب تساعده على الاستقلالية، واتخاذ القرارات وتحمل المسئولية.
مثال: إذا لم تضع ملابسك في سلة الغسيل، فلن يكون لديك ملابس نظيفة لترتديها، وهكذا.
من الجدير بالذكر أنه لا داعي للخجل أن يطلب الوالدين نصائح في تربية الأطفال من المختصين؛ لتساعدهم على تخطي الصعاب والضغوط النفسية المختلفة، حتى لا يؤثر ذلك بالسلب على الأطفال.
نصائح للامهات في تربية الأطفال
وضعت المؤسسات النفسية بعض النصائح وأبرزها:-
- إياك والحماية الزائدة والقلق المفرط على الطفل؛ لأن ذلك يجعله شخصًا يعتمد على غيره في كل شيء، لأنهم يقومون بالأشياء نيابة عنه.
- لا للتمييز بين الأبناء؛ لأن ذلك يسبب الألم النفسي للطفل.
- لا تجعل كل مطالب طفلك مجابة وتحكّم في دلاله.
- عدم ضرب الأطفال مهما كان السبب واعتماد الحوار البنَّاء والعقاب المادي، وليس الجسدي أو النفسي.
- الاهتمام بمختلف جوانب التربية، سواء ثقافية أو اجتماعية أو أخلاقية.
- خلق وقت مستقطع للطفل، واللعب معه ومشاركته اهتماماته.
وأخيرًا وليس آخرًا، كوني قدوة حسنة لطفلك؛ كي يكون قدوة حسنة لزملائه، ويصبح المجتمع قدوة حسنة للعالم.