الثقة بالنفس عند الأطفال، أحيانًا أجد طفلتي خجولة جدًا، تجد صعوبة في التكيف مع زميلاتها. وأثناء الفصل الدراسي يبلغني المعلم أنها لا تستطيع الإجابة على السؤال. على الرغم من معرفتها الجواب؛ فابنتي لا تثق بنفسها أبدًا، وبدأت البحث عن طرق زيادة الثقة بالنفس عند الأطفال.
وسألني المعلم:
هل تتوتر وتتصبب عرقًا في المواقف الاجتماعية؟
هل تفضل الانزواء على نفسها وتنتقد ذاتها باستمرار؟
إذا كانت طفلتك تعاني هذه المشكلات، فمن المرجح أنها تعاني فقدان الثقة بالنفس.
في هذا المقال سنجيبك عن كل مايخطر ببالك من أسئلة عن فقدان الثقة بالنفس عند الأطفال.
مفهوم الثقة بالنفس عند الأطفال
الثقة بالنفس هي وليدة مواقف وأحداث مختلفة على مدار سنوات نمو الطفل. تنمو تدريجيًا بداخله، وتصبح صفة دائمة وأساسًا لحياته، لذا فهي صفة مكتسبة غير موروثة.
تُكسِب الثقة بالنفس الطفل القوة والشجاعة لمواجهة الأزمات ومعوقات الحياة. تساعده على تحقيق النجاح والإنجازات وتحمل المسؤوليات، وتجعله يؤمن بقدراته، ويشعر بالفخر والاعتزاز بذاته.
كما يُعد الآباء نبراسًا وقدوةً للطفل، فيحذو حذوهم دائمًا. يستمد منهم الثقة بالنفس وتحمل المسؤولية، لذا فإن أعظم ما يقدمه الوالدان لأبنائهم هو تعليمهم قبول الذات وتقديرها.
علامات عدم الثقة بالنفس عند الأطفال
تساعدك -عزيزتي حواء- هذه العلامات في معرفة إذا كان طفلك يعاني فقدان الثقة بذاته أم لا.
وعليكِ أن تحددي إذا كانت تظهر عليه بشكلٍ عارضٍ أم هي متكررة. وتُجمل هذه العلامات في الآتي:
- استسلام الطفل وسرعة إصابته بالإحباط.
- انخفاض تحصيله الدراسي.
- ينعزل عن التجمعات العائلية، ويعاني ضعف المهارات الاجتماعية.
- عدم الاستقرار الوجداني، فتارةً يشعر بالحزن، وتارةً يشعر بالرغبة في البكاء.
- يبدأ بالكذب والخداع على الآخرين.
- اختلاق حجج وهمية، والتقليل واللامبالاة من الأحداث المهمة.
- عدم الرضا عن شكله ونفسه، ويبدأ بالتعليق والنقد السلبي لكل شيء يفعله.
- تقليد بعض السلوكات غير الأخلاقية، والتي يراها في أقرانه الأقوى منه، مثل: الضرب، والشتم، وعدم احترام الغير.
“اقرأي أيضًا: علاج التهتهة عند الأطفال“
أسباب ضعف الثقة بالنفس عند الأطفال
توجد أسباب عديدة تؤثر سلبًا على ثقة الطفل بنفسه، وتجعله يقلل من ذاته ويشك في قدراته، ومن أبرز الأسباب:
المقارنات السلبية:
يعتقد الآباء أن عقد المقارنات قد تكون عاملًا محفزًا للطفل. ولكنها تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، إذ إنها تؤثر سلبًا على نفسية الطفل. وتبعث رسائل مخيبة للآمال بداخله؛ فيقلل الطفل من ذاته، ويشعر بالدونية والغيرة من الآخرين.
“اطلع هنا: الغيرة عند الأطفال“
الاضطراب الأسري:
عندما ينشأ الطفل داخل أسرة مليئة بالمشكلات والاضطرابات؛ يشعر بانعدام الاستقرار، وكذلك يخاف من التجمعات. ويصاب بالقلق والتوتر باستمرار، وفي نهاية المطاف يفقد ثقته بنفسه.
النقد المستمر والثقة بالنفس عند الأطفال:
عند توجيه النقد والتوبيخ للطفل باستمرار؛ تضطرب وتختل الثقة بداخلهم، كما يواجه صعوبة في تحقيق أهدافه، ويفقد إيمانه بذاته وبقدراته.
الحماية المبالغ فيها:
تُعد الحماية المفرطة والخوف الزائد من أهم أسباب فقدان الثقة بالنفس عند الأطفال؛ إذ تجعل من الطفل شخصًا اتكاليًا سلبيًا. علاوة عل ذلك يشعر بفقره لأي قدرات أو مواهب يستطيع بها مواجهة الحياة.
المثالية الزائدة والرغبة في الإتقان:
من ناحية أخرى، يسعى الأبوان أحيانًا إلى توريث الإتقان والوصول إلى مرتبة الكمال في كل تصرف يؤديه الطفل. فيضعونه تحت ضغط عصبي مستمر؛ من أجل تحقيق ما يرغبون ويأملون منه، ويتناسى هؤلاء الآباء أن قدرات الأطفال متفاوتة.
أسباب خلقية:
نجد أن كثيرًا من الأطفال الذين يعانون الإعاقات والأمراض؛ يشعرون بالخجل والحساسية الزائدة من أي موقف عابر. علاوة على شعورهم بفقدان الثقة.
تضخيم أخطاء الطفل:
يتحول الطفل إلى شخصية انسحابية وانطوائية. عندما يبالغ الآباء في ردود أفعالهم تجاه أخطائه، لذلك يشعر بالخوف وفقدان الأمان دائمًا، ويخشى التجمعات كي لا تلتف الأنظار إليه.
تأثير فقدان الثقة بالنفس عند الأطفال
- سيطرة المشاعر السلبية على الطفل، مع شعوره المستمر بالحزن والاكتئاب.
- يشك الطفل في قدراته وقيمته، كما يتجنب محاولات السعي لتحقيق أي مهام؛ إذ يسيطر عليه الشعور بالعجز وقلة الحيلة.
- قد تطرأ عليه سلوكات إيذاء النفس self harming؛ بسبب تدني احترام الذات وفقدان الثقة بالنفس.
- يعاني الخجل والتوتر من الآخرين، ويشعر أنه غير محبوب وغير مرغوب فيه.
- يخشى المشاركة في الألعاب والنشاطات الاجتماعية؛ كي تتلاشى الردود اللاذعة والحكم عليه بشكل سلبي.
علاج عدم الثقة بالنفس عند الأطفال
توجد وسائل عديدة تعزز ثقة الطفل بنفسه، وتساعد في تسهيل اندماجه في المواقف الاجتماعية بكل أريحية. وتعليمه الاعتزاز والإيمان بقدراته ومهاراته، وإدراكه أن الفشل وارد.
“اقرأ أيضًا: تربية الأطفال“
ولكي تعززي ثقة طفلك بنفسه عليكِ باتباع الآتي:
التشجيع والثناء عليهم لتنمية الثقة بالنفس عند الأطفال
قبل كل شيء، ينبغي أن يُظهر الأبوان التشجيع والمساعدة لطفلهم، ومدح سلوكياته الجيدة، ومنحه عبارات الاستحسان والثقة التامة في قدراته.
يجدر بالذكر أن يقدم الأبوان المديح على الجهد المبذول والسلوك القيم، فيدعمان الإنجاز دون شرط الكمال.
ومن جهة أخرى، يجب عليهم الانتباه إلى عدم المبالغة في المدح وتكراره في غير محله؛ كي لا يشعر الطفل أنه الوحيد الذي يستحق الثناء والمدح. حتى وإن كان من دون تقديم إنجاز أو مجهود يُذكر.
تعزيز الشعور بالأمان
عندما يشجع الأبوان طفلهما على التعبير عن مشاعره بحرية، ويهتمان بمعرفة ما يؤرقه ويغضبه؛ تتوطد رابطة الحب والأمان بينهم.
تقديم نموذج وقدوة حسنة لتعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال
ولأنَّ الطفل مرآة لأفعال وسلوكات الوالدين؛ إذ يتعلم منهما ردود الأفعال تجاه المواقف المختلفة، فعليكم مراعاتها لتكونوا خير قدوة.
فعندما يُظهر الأبوان أفضل ما لديهما من سلوكات. ويتعاملان بحكمةٍ ومثابرةٍ وهدوءٍ في حل المشكلات؛ يسير الطفل على خطاهما، كما تزداد ثقته بنفسه ويؤمن بقدراته على مواجهة العقبات.
تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره بحرية
يجب تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره وتفهمها. وإفساح مجال للتعبير عن رأيه وعن نفسه، لكي يوضح ما يدور بداخله. وما على الآباء إلا إعارة انتباههم والإنصات الجيد بكل حواسهم إلى أطفالهم، لكي يشعرون بقيمتهم وذواتهم وأهميتها.
البعد عن كثرة النقد السلبي
ينبغي الابتعاد نهائيًا عن توجيه الانتقادات اللاذعة. التي لا تسمن ولا تغني باستمرار؛ كى لا تتحطم ثقة الطفل بنفسه. ويشعر أنه عديم الفائدة ويسبب خيبة أمل لمن حوله.
يؤكد على ذلك أيضًا الطبيب كارل بيكهام بقوله: “غالبًا ما يقلل نقد الآباء لأطفالهم من تقديرهم لأنفسهم ودوافعهم الذاتية”.
الابتعاد عن فرض السيطرة
يقمع بعض الآباء شعور الطفل بالاستقلالية، ويمنعوه من التصرف بمفرده؛ لتجنب التصرف بصورةٍ خاطئة وخوفًا عليه من المجهول. ومن ثم يصبح شخصية اتكالية، لا تقوى على مواجهة مهام الحياة بمفردها.
مساعدة الطفل على الإيمان بقدراته
يجب أن يغمر الأبوان طفلهما بالحنان والاهتمام، وأن يخبراه بوجود فروق فردية بين البشر جميعًا. وأنه لا يوجد شخص أفضل منك، ولكن لكل شخصٍ ما يميزه.
تخصيص وقت للعب مع الأطفال
يعد اللعب الموجه استثمارًا جيدًا لغرس القيم المثلى، كما يساعد الطفل على نموه النفسي بشكل سليم. ووسيلة يعبر بها الآباء عن مدى الحب والاهتمام؛ لذا يجب أن يفرغ الوالدان وقتًا للعب مع أطفالهما.
“اقرأ أيضًا: تنمية مهارات الطفل“
تكليف الطفل ببعض المهام
فهي تساعد الطفل على منحه الشعور بالإنجاز والفائدة. ويستطيع الأبوان توظيف طاقات ومهارات طفلهما؛ فيشعر أنه شخص مؤثر، وبالتالي تزداد ثقته بذاته وقدراته.كما يتعلم تحمل المسؤوليات والمشاركة الفعالة، والتي تساعد على رفع مقياس الثقة بالنفس عند الأطفال.
وأخيرًا…
الثقة بالنفس عند الأطفال، يكمن دور كل أب وأم في تنشئة طفل سوي نفسيًا، واثقًا بنفسه وبقدراته، ويشعر بالفخر تجاه ذاته.
طفلك هو ذخرك في الدنيا، ومصباحك في شيبك، وسندك في وهنك؛ فاجعل منه شخصًا يافعًا نافعًا لنفسه ولغيره. يستطيع مواجهة كبوات الحياة بكل ثبات.