صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها | صعوبة القراءة والكتابة والحساب والحركة
صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها، ربما يكون وقْع مصطلح صعوبات التعلم غريبًا على آذان الكثيرين منَّا، حتى إن الآباء والأمهات قد لا يدركون معاناة طفلهم هذه المشكلة، خاصةً دراسيًا، فما هي صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها.
عندما تجد الأم ابنها لا يتجاوب مع ما تطلبه منه؛ فتبدأ باتهامه أنه لا يطيع أوامرها وتطلب منه مرارًا التركيز فيما تقوله، لكن هذا الطفل لا يتعمد فِعل ذلك؛ فليس الأمر بيديه.
إذًا صار الأمر لزامًا على كل أم وأب، أن يكونا على دراية كافية عن هذا الوضع؛ ليتمكنا من التعامل السليم مع الطفل؛ إذ بات الأمر منتشرًا في الآونة الأخيرة.
نتعرف معًا في السطور التالية على مشكلة صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها بالطرق المتنوعة.
ماذا يعني مفهوم صعوبات التعلم عند الأطفال؟
صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها، يطلق هذا المصطلح عندما يواجه الطفل صعوبة في استقبال المعلومات واستيعابها، وبالطبع هذا ليس له عِلاقة بمدى ذكاء الطفل. وإنما لاختلاف طريقة رؤيته أو سَماعه أو فهمه للأشياء من حوله.
“أقرأ أيضًا: تنمية مهارات الطفل“
أسباب صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها
توجد عدة عوامل تؤدي إلى صعوبات التعلم، التي قد تكون قبل الولادة أو خلالها أو في مرحلة الطفولة المبكرة، مثل:
- أسباب وراثية: نتيجة انتقال جينات معينة من الأبوين للطفل، والتي تؤثر على تطور المخ.
- الشذوذ الكروموسومي مثل: متلازمة داون، ومتلازمة تيرنر.
- حدوث مضاعفات خلال عملية الولادة: يترتب على ذلك نقص الأكسجين المغذي للمخ.
- الولادة المبكرة جدًا.
- إصابة الأم بالأمراض في أثناء الحمل.
- شرب الأم للكحول خلال الحمل: يؤدي ذلك إلى متلازمة الكحول الجنينية.
- تَعرض الطفل لمرض موهِن، أو إصابة بالغة تؤثر على تطور المخ كحوادث السيارات.
- التعرض للمواد التي تسبب تضرر المخ، مثل: الإشعاع.
- عدم الاهتمام بالتنمية العقلية للطفل منذ الصغر.
- الاضطرابات السلوكية مثل: الإصابة باضطراب فرط الحركة عند الأطفال ونقص الانتباه (ADHD).
إليك الآن الأعراض ومن ثم صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها وأبرز الأشخاص الذين نجحوا في تخطي هذه المشكلة.
أعراض صعوبات التعلم عند الأطفال
هناك بعض الدلالات التي تؤكد مواجهة الطفل لصعوبات في التعلم، منها على سبيل المثال:
- عدم القدرة على التمييز بين اليسار واليمين.
- كتابة الحروف أو الكلمات أو الأرقام بطريقة عكسية، وذلك بعد الصف الأول أو الثاني الابتدائي.
- صعوبة تصنيف الأشياء وفقًا للحجم أو الشكل.
- وصعوبة في استيعاب التعليمات واتباعها.
- صعوبة تذَّكُر ما قاله أو قرأه الشخص الذي أمامه.
- الحركة بعشوائية أو فوضوية.
- صعوبة تقدير قيمة الوقت وفهمه وأهميته.
- صعوبة أداء المهارات التي تعتمد على استخدام اليدين، مثل: الكتابة، والرسم، والتقطيع.
- قلة الانتباه للتفاصيل، أو العكس تمامًا.
- المهارات الاجتماعية الضعيفة.
أنواع صعوبات التعلم عند الأطفال
قد يظن البعض أن هذا المصطلح يُقصَد به صعوبات التعلم في القراءة والكتابة فقط؛ ولكنه واحد من هذه الأنواع:
1- عسر أو صعوبة الحركة (Dyspraxia)
- يحدث نتيجة خلل بالمهارات الحركية؛ فتجد الطفل كثير الاصطدام بالأشياء المحيطة، إضافةً إلى عدم قدرته على إحكام قبضته على الأدوات.
- ويتطور الأمر تدريجيًا ليشمل القراءة والكتابة.
- قد يرتبط بصعوبة الحركة عدة مشكلات أخرى، مثل: صعوبات في التخاطب، وصعوبة في حركة العين.
2- عسر أو صعوبة القراءة (Dyslexia)
- يؤثر ذلك على كيفية استيعاب الطفل للغة؛ فيواجه صعوبة في القراءة والكتابة، كذلك يواجه مشكلة في فهم القواعد النحوية. وفي تمييز الأصوات المميِزة للحروف، إضافةً إلى التهجئة الضعيفة.
3- عسر أو صعوبة الكتابة (Dysgraphia)
ينعكس ذلك على عدم قدرة الطفل على التعبير عن أفكاره بالكتابة، وبناءً على هذا تتأثر وظائف أخرى، مثل:
- الإمساك المُحكَم للقلم.
- الكتابة بخط سيئ.
- صعوبة تنظيم الأفكار أثناء الكتابة.
- نطق الكلمات بصوت عالٍ خلال الكتابة.
4- عسر أو صعوبة الحساب (Dyscalculia)
- تظهر هذه المشكلة عند محاولة الطفل حل المسائل الحسابية؛ فيجد صعوبة في العد أو التعرف إلى الأرقام، ويزداد الأمر تعقيدًا مع تقدم العمر؛ فيواجه معاناة في تذكُّر جدول الضرب.
ولهذا تعد صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها أمر ضروري فبعد معرفتنا أنها لا تقتصر على الكتابة والقراءة أصبح العلاج في غاية الضرورة.
تشخيص صعوبات التعلم عند الأطفال
للأسف إن تشخيص صعوبات التعلم عند الأطفال ليس بالأمر اليسير؛ وذلك لعدم وجود أعراض مميَزة وثابتة يُستدَل بها عليه.
إضافةً إلى أن اكتشاف المشكلة قد يتطلب الكثير من الوقت.
فيتضح الأمر تدريجيًا عندما تتكرر شكوى المعلمين من إهمال الطفل للفروض المنزلية، فيتنبه الوالدان لملاحظة أحد هذه التغيرات:
- رفض الطفل المتكرر للذهاب إلى المدرسة.
- صعوبة في تذكر الأشياء.
- عدم الرغبة في تعلم الكتابة أو القراءة.
- الفوضوية.
- الانتباه الزائد للتفاصيل أو العكس.
- صعوبة الانقياد للتعليمات.
- صعوبة التركيز على عمل محدد.
لذا بناءً على ذلك يُنصَح بضرورة عرض الطفل على عدد من المختصين، وذلك في تخصص الطب النفسي Psychiatry أو التخاطب أو العلاج الوظيفي، طبقًا للأعراض الأساسية.
فيُجرِي المختص عدد من الاختبارات والتقييمات؛ ليتمكن من تصنيف نوع الصعوبة التي يعانيها الطفل، وعلى هذا يسهل تحديد الإجراءات المناسبة للتغلب على هذه المشكلة.
سنتطرق الآن للحديث بالتفصيل عن صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها بالطرق القادمة.
كيفية التعامل مع صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها
يحتاج الطفل الذي يعاني صعوبات في التعلم أسلوبًا مختلفًا في التعليم؛ فبعد تقييم الطفل وتحديد المشكلة التي ينبغي التركيز عليها، يضع عدد من المدرسين المختصين برنامجًا تعليميًا منفردًا.
يهدف هذا البرنامج إلى تحديد المتطلبات والمهارات الخاصة التي يحتاجها الطفل للنجاح في الحياة الدراسية، إضافةً إلى تعليم الطفل طرقًا للتغلب على نقاط ضعفه.
توجد بعض المؤسسات التعليمية المتخصصة في مساعدة هؤلاء الأطفال، كذلك توفر بعض المدارس برامج خاصة لصعوبات التعلم وذلك بعد الدوام الدراسي.
إذًا فصعوبات التعلم ليست مرضًا عضويًا يُشفَى بالأدوية؛ لكنها حالة يحتاج فيها الطفل إلى الدعم، فهي لا تُمثِّل عقبة للنجاح على الإطلاق؛ فالكثير ممن تميزوا في مجالاتهم كانوا يواجهون صعوبات في التعلم.
وسنذكر الآن بعد التحدث عن صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها، بعض هذه النماذج المتميِزة، التي تغلبت على هذه المشكلة، وأثبتت جدارتها في المجتمع.
أمثلة الموهوبين ذوي صعوبات التعلم
هنا تتحقق مقولة أنه قد تُولَد المنحة من قلب المحنة؛ ما قد يبدو للبعض خيبةً للأمل، تقبَّله البعض الآخر على أنه تحدي ونجح به، مثل:
1- ألبرت أينشتاين (Albert Einstein)
من يتخيل أن هذا النابغة في الرياضيات، هو نفسه ذاك الطفل الذي لم يتحدث قبل سن الثالثة، ثم عانى بعدها شتى أنواع صعوبات التعلم في الكتابة والقراءة والحساب؟
لم يمنعه كل ذلك من أن يستمر بمحاولاته للنجاح حتى توصل إلى نظرية الكم، التي كانت السبب في تميزه وحصوله على جائزة نوبل.
2- لويس باستير (Louis Pasteur)
أسْهَم هذا العالِم في اكتشاف الطريقة التي تُسبب بها الجراثيم الأمراض، فضلًا على ذلك نجاحه في اكتشاف الأمصال.
والجدير بالذكر أن باستير قد واجه خلال طفولته صعوبات في الكتابة والقراءة.
3- فيرنر فون براون (Werner Von Braun)
كافح هذا العالِم الخبير في الصواريخ منذ صغره؛ للتغلب على صعوبات الحساب، وتحقيق حلمه الذي لطالما راوده منذ طفولته؛ ألا وهو الوصول إلى الكواكب الأخرى.
في النهاية تمكن من إثبات ذاته، وجعل حلمه حقيقةً؛ وذلك عندما قاد الفريق الذي أرسل أول قمر صناعي أمريكي إلى الفضاء، وهذا بصفته مهندس الصواريخ.
4- أجاثا كريستي (Agatha Christie)
واحدة من أشهر الروائيين التي استطاعت أن تتغلب على صعوبات القراءة، لتصبح من أفضل كُتَّاب الروايات البوليسية التي حققت مبيعات هائلة وبلغات مختلفة.
وصل عدد الروايات البوليسية التي ألفتها إلى 66 رواية، إضافةً إلى ذلك أنها كتبت عدد من الروايات الرومانسية، ولكنها كانت تحت اسم مُستعار.
5- غريغ لوغانيس (Greg Louganis)
المُلقَب بأعظم غواص على الإطلاق، بالرغم من مشكلة القراءة التي لازمته منذ طفولته، ولم يكن على دراية بها حتى مرحلة الجامعة.
استطاع هذا اللاعب أن يفوز بعدة ميداليات ذهبية أوليمبية، فضلًا على حصوله على 47 لقب بطولة وطنية، وأهم تميز ناله هو حصوله على لقب بطل العالم خمس مرات.
هناك الكثير والكثير من هؤلاء الأبطال، الذين لم يسمحوا لمثل هذه الصعوبات أن تُحطِّم أحلامهم، بل سعوا لتحقيق المعجزات والإنجازات التي يرسخها التاريخ حتى الآن.
لذا رجاءً من كل أب وأم، الاهتمام بملاحظة أي تغييرات طارئة على الطفل، مثل: التأخر في المشي أو الكلام أو صعوبة في التفاعل الاجتماعي.
صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها، صدقًا كلما كان التشخيص مبكرًا، كان العلاج أسهل وأسرع، خاصةً مع التقدم العلمي في الوقت الراهن، وأهم علاج يُقدَم له هو إخباره أنه مميز ومختلف عن غيره، وليس أقل منهم، وبهذا نكون قد قدمنا لكم صعوبات التعلم عند الأطفال وعلاجها.